Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Blog DAHliA2011بلوغ داليا

2 avril 2011

العلبة السوداء

 

حول روايات: محمد الأشعري، بنسالم حميش ،أحمد التوفيق ، حسن أوريد ، عبد الكبير العلوي المدغري .

العلبة السوداء

في النص الروائي المغربي

·        إنجاز : نادية شفيق وكريمة رضواني

  في زوال يوم دافئ ،احتضن الباحثون برؤاهم المختلفة نتاجات فنية متميزة عبرت بصدق عن حالات نفسية عامة، أوجدها  مختبر السرديات و طلبة ماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب، وذلك من خلال ندوة في موضوع "لا وعي النص في الرواية المغربية" يوم 31 مارس 2011 بقاعة المحاضرات، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء،أدار أشغالها نبيل الهوير مع خمسة متدخلين أسالوا حبر أقلامهم وأغنوا الندوة بمداخلاتهم النقدية الجريئة التي امتزجت بأنفاس عاطفة صادقة، عبرت عن ذات تسعى إلى التحرر من إيديولوجيات سابقة والتي قاربتها بشغف وحب.

     في عالم سحري منغلق على كنوزه، استطاع الباحثون أن يتحسسوا خبايا هذا العالم مستندين في ذلك على آليات ورؤى مكنتهم من رصد العلاقة بين لا وعي النص بالواقع.وقد حاولت هذه الندوة ملامسة ذلك عبر خمس مداخلات في مواجهة خمسة نصوص .

الورقة الأولى في هذا اللقاء قدمتها الباحثة مستحية القاسمي لرواية "القوس والفراشة" للكاتب "محمدالأشعري" (أديب ووزير الثقافة سابقا )،  عنونتها ب(انكسارات ذاتية وخيباث نفسية)،حيث أثارت الاستناد إلى السارد باعتباره الإطار الناظم لمجموع ما تحفل به من تشكلات سردية، فقد شرع المؤلف في سرد مسارات الخيبة، والفشل  ومسارات الغياب والاختفاء والرحيل.

       مثلما هناك صفحات في رواية "القوس والفراشة " تحتفي بالبوح والمشاعر الحارقة، خاصة في علاقة يوسف بليلى وفاطمة.اذ يتحرر يوسف من رتابة يومية تؤثث مفارقات البلد، فالمبهج في هذه الرواية يسمح بتخطي الخيبة في الحب والسياسة والتاريخ.

      إن الرواية ككل، فضاء لغوي ذو جمالية هندسية تزينه فسيفساء نفسية تحضر بشكل ضمني لدى أغلب شخوص الرواية باعتباره امتدادا طبيعيا، وبصيغ مختلفة ومتباينة لمعاناة الفرسيوي المجسدة للنواة المركزية ؛ وقد اعتبرت الباحثةالقاسمي ؛القوس والفراشة تراجيديا حقيقية يواجه فيها الأبطال مصيرهم المأساوي وهم واعون به.

وخلصت أن الرواية تجربة متميزة، كتبت بإحساس طغى عليه الأسلوب التاريخي لكونها رصدت تحولات المجتمع المغربي، وجست نبض أحاسيس مواطنيه وحاولت البحث عن أسئلة اللحظة التاريخية الراهنة على مستويات عدة.

      بعد ذلك تناول الكلمة الباحث عبد الإله الكلخة الذي قدم مداخلته تحت عنوان (استعذاب لغة العذاب في رواية معذبتي) لبنسالم حميش (روائي ووزير الثقافة الحالي) وقد قارب الباحث الرواية من منظور الباشلارية الجديدة، التي تأخذ بعين الاعتبار لا وعي النص عوض التركيز على لا وعي الكاتب،مركزا على أن أهمية قراءة النص من خلال لا وعيه  مما يساعد على فهم طبيعة تركيب الإبداع ودلالاته وذلك عندما نواجه النص الروائي ليس باعتباره نصا مليئا بالأحكام والهذيانات ،بل باعتباره مؤولا دلاليا. كما استند على خاصيتي السرد والحجاج ..هذه الأخيرة التي تسعى إلى التسويغ والتبرير؛فالرواية في رأيه تسير حسب الباحث في اتجاه واحد هو لذة الانتصار على الألم وتحويله إلى لغة ،فبعد خروج البطل الإشكالي من السجن والاعتقال أعاد ارتباطه بالحياة من جديد. وبعد الحكي وتقديم الأضرار والعذابات التي تعرض لها يندمج في الحياة من خلال مؤسسة الزواج مع زوجه زينب ، ليسعد بسعادته التي افتقدها من قبل. وليختم بتساؤل كيف يتحول الألم إلى بوح والجرح إلى كتابة.

      واختارت الباحثة خديجة اشبيرة البحث في الذات والذاكرة في  رواية "والد وما ولد،طفولة في سفح الظل" لأحمد التوفيق( روائي ومؤرخ ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الحالي)عبر مدخل نفسي متسائلة حول  دواعي كتابة أحمد التوفيق عن مرحلة طفولته وهو في الستين من عمره؟ وعزت ذلك إلى أن العودة للطفولة هي عودة سعيدة إلى فردوس مفقود.

       إن الكاتب، وهو مثقل بأعباء المسؤوليات وهموم الحياة، لجأ تحت مصابيح مطفأة إلى الكتابة بوصفها فنا وسحرا داخليا ، يقتنص من الوجود الرغبة المشتهاة في البوح، والتعبير الوجداني ليحفر داخل ذاكرته منقبا فيها عما يسليه ليعزي نفسه ويعوضها عن تعاسة حاضرها لمتعة وجمال ماضيها. وتساءلت الباحثة أيضا :إلى أي حد يمكننا الوثوق بالذاكرة ، ففي مثل هذا النوع من الكتابة عن الذات يكون الصدق محاولة لا أمرا محققا، هذا إن لم نقل أنه أمر يلحق بالمستحيل.

       بعد ذلك تدخلت الباحثة فاطمة الزهراء خلدون حول رواية "ثورة زنو" لعبد الكبير العلوي المدغري (وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية سابقا) في ورقتها ( الكتابة وسؤال الذات) حيث ظل منطق الكاتب فيها يقظا يلتقط نبضات الواقع ويجاري حركات المجتمع .  وقد غيَّبَ المدغري في عمله الروائي تكوينه الديني، ليقول بلسان الروائي ما لم يستطيع قوله بلسان الفقيه، فتحرر من الأغلال التي شلت حركة الفكر واللسان نظرا لاهتمامه بالقص كعنصر مشترك وواضح بين التحليل النفسي والأدب.

      إن زنو هي تعبير عن الفطرة ،تتفاعل مع القراءة وتندفع اندفاعا تلقائيا نحو إخراج ما هو كامن فيها  إلى حيز الوجود ، فهي تثور على الظلم ومظاهر الاستخفاف بالحياة، لأنه أغضبها ضلال البشر بجهلهم وبُعدهم عن الدين، إن الكاتب قد جعل من زنو أنموذجا لما ينبغي أن تكون عليه المرأة في رفضها للظلم والتهميش.

وحول رواية "الحديث والشجن"، لحسن أوريد( الناطق الرسمي باسم القصر الملكي ومؤرخ المملكة سابقا )  تدخل الباحث عبد الغني الحوميدي في موضوع (الكتابة والحلم) معتبرا أن هذه المقاربة النفسية جديرة بتلمس خفايا  النص بارتكازها حسب -التحليل الفرويدي- على الحلم، الذي يتخذ داخل "الحديث والشجن" شكلا معقدا ومركبا انسكب على شخصية"يوسف" الذي تجاذبته أحلام طفت عبر لغته أحيانا وسقطت من المنطوق والمسكوت عنه ، "يوسف" بلا مكان ولا زمان محددين. أعدم في الواقع كما أعدم في اللاشعور.

وفي خاتمة ورقته ألمح الباحث أن اللاوعي النصي في رواية أوريد له سلطة عنيفة آسرة تكمن في مركب العلاقة التواطؤية بين الكاتب والقارئ، بحيث يمتد لاوعي الكاتب أو لاشعوره إلى لاشعور القارئ.

وفي ختام هذا اللقاء افتتح باب نقاس  عميق حول العلاقات المعقدة بين النص بلغاته ولاوعيه وبين المؤلف بوعيه وقصدياته .labonarratologie@gmail.com

 

Publicité
31 mars 2011

المهرج العجوز

 

المهرج العجوز

ش. بودلير


ما زال الناس ينتشرون في كل مكان، يظهرون ويبتهجون أيام العطل. وكان ذلك عيداً من تلك الأعـياد الاحتفالية التي يعول عليها المهرجون،
صانعو المخارط ، وعارضو الحيوانات،وأصحاب الدكـاكـين المتجولون،
زمنا طويلاً ،تعويضاً عن سوء الأحوال الجوية للسنة . يبدو لي أن العامة هذه الأيام تنسى كل شيء، تنسى الألم والشغل، ويصبح الأمر كذلك بالنســبة إلي الأطفال، وبالنســبة إلى الصغار،فهو يوم إجازة، وهو الرعب اليومـي من المدرسـة الذي مرده إلى أربع وعشرين ساعة.

وبالنسبة إلى الكبار، فهو هدنة أبرمت مع قوى الشر في الحياة،وتوَقف ٌعن العناد والصراع الشاملين .

ينجو رجل المجتمع ذاته، والرجل المشغول بالأعمال الروحية بصعــوبة من تأثـير ذلك اليوبـيل الشعبي. يمتصـان دون أن يرغـبا في ذلك، نصيبهـما من هذا الجـو الاستهـتاري، وبالنسـبة إليّ كباريسي حقيقي؛ فلا ينـقص أن أفحـص كل البـيوت الحقـيرة التي تمشـي اختـيالاً في هذه الأيام الاحتفالية. فظلت تتنافس حقاً فيما بيــنها منافسة عجيبة: تتصايح، وتزعق، وتعوي بدون انقطاع .

كان ذلك مزيجـاً من الصرخـات، ومن الآلات النحاسية النافخة، وفرقعات السـياط، وما انفك أصحاب الذيول مـن الشـعر المـعقود بعــقدة حمراء، والمهرجون المغفلون يشنجون قسمات وجوههم السمراء، البردُ قسا عليهم، والمطر والشمس،وكاـنوا يلقـون نكثـاً وطـرائف من أفانين القول هزلية، متـينة وثــقيلة، تشـبه هزليـات موليير يلقــونها بثيمات الممثلين الواثقــين بتأثـيرهم على الجـمهور...والأبـطال الهراقل مزهوون بـتزايد أعدادهم، وهم بلا جباه ولا جماجم، كأنهم وحوش الغابة من القردة، ظلوا يتبخترون في أبهة تحت القماطات المغسولة عشية َ تدعو الحاجة  إلى ذلك. ومازالت الراقصات الجميلات، كالغيد الفواتن، يثبن ويتشقلبن تحت ضوء الفوانيس التي كانت تملأ تنوراتهن ألقاً .

لم يكن كل شيء إلا ضوءً وغباراً،وصرخات ٍ،وفرحاً وصخباً. وما فتــئ بعض الـناس ينفــقون, وآخرون يكــسبون، كذلك؛ فإن الأوليــن والآخـرين مرحون، وظل الأطفال يتعلقون بتنورات أمهاتهم ليشاهدوا أفضل مشاهدة، مشعبذاً متألقاً زاهياً مثل إله، وكانت تطغى على جميع العطـور، رائحة طعام مقلي، كأنه بخور هذا العيد .

عن كثب، وفي الطرف الأقصى من صف الأكواخ، رأيت مهرجـاً فقير الحال، مقوس الظهر،متساقط الشعر، متداعي الجسم،خائر القوى، عجوزاً عفا عليه الزمن،رأيتُ تهدمـاً إنسانــياً، كأنـما أزيلت عـنه هو نفسُه؛ وذلك عار،جميع تلك المهابات، رأيته يسـتند إلى أعمـدة مخبئه، مخبإ ٍ أشد بؤساً من مخبإ المتوحـش الأبله بلاهة أشـد،الذي كانت ثروته الزهيدة تتبدد ولا تزال تنير أيام شدته الكالحة .

الفرح في كل مكان، والكسب والفجورفي كل مكـان،لقد تحقق الخبز للأيام التالية، والانفجار الحيوي المسـعور في كل مكان، هنا الفقر المدقع، والتعاسة المرتداة بغرابة، وزيادة في الرعب، والأسمال المضحكة التي كانت الضرورة قد مهدت فيها للتناقض، إضافة إلى الفن. ما كان يضحك، فياله من بئيس ! ولا كان يبكي، ولا كان يرقص أو يومئ بحركات، أو يصرخ، أو يغني أي أغنية، لا مرحة أوداع أمرها للرثاء، ما كان يتضرع، كان أخرس، وغير متحرك في مكانه. كان قد زهد، وكان قد اعتزل، فمصيره قد حسم فيه.

لكنْ، أي نـظرة عمـيقة، غـير قا بلة للنــسيان، كانت تتسكع حول الحشد والأنوار التي كان امتدادها المتحرك يتوقف على بضع خطوات من بؤسه المشمئز!

إني أحس حلقي مخـنوقاً باليـد المرعبـة للهستيريا، وبـدا لـي أن نظراتي كانت مصدومة من خلال تلك الدموع المتمردة، العصية عن السقوط. ما العمل؟ ماجدوى ســؤال ذلك البئــيس، وأي فضـول، وأي لعبـة عجيبة كانت عنده ليُـريها آية للنـاظرين، وفي ذلك الظـلام المقـيت، وراء سـتاره الممزق؟

حقاً، لاأتجرأ ُ، وربما كان من شأن سبب خجلي أن يضحككم، وسأعترف أنني كنـت أخاف إذلاله،، وأخـيراً صمـمت بعد قليل أن أضع وأنا مار، شيئاً من النقود على لوحـاته الخـشبية، عله يحدس مقصـــدي من ذلك، لما جرني اندفاع حشد كبير من الناس، بعيداً عنه إلى الوراء،قدسببته أي بلبلة غير محدودة .

وعند التفاتي إليه،حاصرتني تلك الرؤية، فبحثت في تحليل ألمي المباغت، وقلت في نفسـي: لقد رأيت بـعد قلـيل، صـورة الأديب المسلي اللامـع، ورأيت صورة الشاعر العجوز بلا أصدقاء، وبلا أ ســرة، ولا أولاد، المتدهور بسبب بؤســه، وبسبب التنكر العلني له، وفي الكوخ الذي لا يرغب الناس النسيون في الولوج إليه قط .

ترجمة: محمد الإحسايني

 

Publicité
Blog DAHliA2011بلوغ داليا
Publicité
Publicité